إذا لم تكن على اطلاع على التراث العربي؛ فإن قائمة كهذه كفيلة بإثارة دهشتك وعجبك! فكثير من القراء والمثقفين الذين لم تتح لهم فرصة الاطلاع على كتب التراث العربي في سعتها وتنوعها؛ عادة ما يكون لديهم انطباعات تختزل التراث العربي في جانبه الديني وتغفل عن جوانبه الإنسانية الأخرى.
لذا فقد راعيت في هذه القائمة أن تكون خير مدخل للقارئ غير الموصول بالتراث العربي، بما حوته من نماذج فريدة ونادرة من الكتب التي تتحدث عن المشاعر الإنسانية الأصيلة، وعن العلاقات الاجتماعية، وعن الطباع البشرية، وتقلبات الزمان.
وكثير من هذه الأغراض موزعة في بطون كتب الأدب لكن بعض المؤلفين أفردوها بالتأليف؛ بحيث يحوي الكتاب غرضًا مستقلًّا يجمعون فيه كل ما يتصل بموضوع الكتاب من الأخبار والأشعار والحكايات والمواعظ، والأقوال المأثورة عن الحكماء والفلاسفة والأدباء، وقد حرصتُ على جمع أمتع هذه الكتب وأَنسَبِها لمثقف القرن الحادي والعشرين، بحيث تصلح أن تكون مدخلًا للتعرف على أحد جوانب التراث العربي التي تجمع بين المتعة والحكمة.
الصداقة والصديق، أبو حيان التوحيدي
تحقيق: الدكتور إبراهيم الكيلاني (دار الفكر، 1998)
أدب الغرباء – أبو الفرج الأصفهاني
تحقيق: الدكتور صلاح الدين المنجد (دار الكتاب الجديد، 1972)
أخبار الأذكياء – ابن الجوزي
عناية: بسام الجابي (دار ابن حزم، 2003)
يعد أبو الفرج ابن الجوزي (597 هـ) من أشهر العلماء الوعاظ في التاريخ الإسلامي، وله مؤلفات كثيرة بعضها في مجال الأدب، ومنها هذا الكتاب الذي يعطينا تصورًا واضحًا لمفهوم الذكاء في التراث العربي الإسلامي، فقد جمع فيه قصص الأذكياء التي يظهر فيها سرعة بديهتهم وروعة إجاباتهم وحسن تخلصهم. مقسمًا الكتاب تقسيمًا موضوعيًّا، نجد فيه فصلًا عن المنقول عن الوزراء وآخر عن القضاة وآخر بعنوان: «في ذكر من احتال بذكائه لبلوغ غرض فانعكس عليه مقصوده» وأفرد فصلًا عنونه بــ «في ذكر طرف من فِطَن عقلاء المجانين»، مقدمًا بين يدي ذلك بمقدمة عرف بها بمفهوم الذكاء والفرق بينه وبين العقل والذهن، وعلامات الذكاء ودلائله.
غرر الخصائص الواضحة وعرر النقائص الفاضحة - محمد بن إبراهيم الكتبي المعروف بالوطواط
تحقيق: د. محمد عبد الله قاسم (دار القلم، 2018)
يندرج هذا الكتاب تحت كتب المحاسن والأضداد، والتي تورد الفضائل والرذائل، ومتى تُمدَح الفضائل ومتى تُذَم؟ وهل تتحول الرذائل إلى فضائل؟ هذا الغرض ألَّفَ فيه غيرُ واحد من الأدباء مثل الثعالبي والجاحظ وإبراهيم البيهقي، لكن هذا الكتاب هو مِن أجْمَعِ ما أُلِّفَ في هذا الغرض، والكتاب فكرته طريفة ومعبرة عن تصورات الأدباء عن الأخلاق والقيم.
المُوشَّى، أو الظرف والظرفاء – لابن الوشاء
تحقيق: الدكتور فهمي سعد (عالم الكتب، 1986)
قد يبدو لك من عنوان هذا الكتاب أن موضوعه هو الأخبار المضحكة والدعابات، لكنه في الحقيقة يعني شيئًا آخر؛ فالظرف في استعمال الأدباء في التراث الأدبي إنما يعنون به اللياقة وحسن الحضور وجمال المظهر، أي أنه هو المعادل القديم لمصطلح الإتيكيت، وهذا الكتاب بالإضافة إلى ما يكتسبه المرء من قراءته من جميل الآداب وحسن الأخلاق فهو يحتوي على جانب حضاري مهم من جوانب الحضارة العربية وهو جانب التربية وتهذيب الأخلاق واللياقة الشخصية والآداب العامة.
سلوان المطاع في عدوان الأتباع - أبو عبد الله بن ظفر الصقلي
تحقيق: عبد الغني محمد مستو (دار ابن الأزرق، 2019)
السُّلوان اسم مشتق من السلوانة وهي خرزة تزعم العرب أنها إذا صب عليها ماء المطر، فشربه العاشق سلا، أي ذهب ما به من الهم والحزن، وهذا الكتاب كتبه ابن ظفر الصقلي وهو أديب من صقلية وكان مستشارًا لحاكمها أبي القاسم بن علي القرشي (المعروف بابن حمود)، فلما ذهبت دولته وخرجت صقلية من إمرة المسلمين كتب ابن ظفر هذا الكتاب وأهداه إلى ابن حمود كي يتسلى به ويتصبر على مصابه، وجعل الكتاب في خمس سلوانات هي على الترتيب: التفويض بالله، يليه التأسِّي فالصبر، ثم الرضى، وأخيرًا الزهد، وفي كل فصل من هذه الفصول يقدم له طائفة من الأخبار والأمثال والحكم والحكايات الرمزية على لسان الحيوان، وجميعها تهدف إلى نصح الحكام بالتصبر والتجلد أمام صروف الأقدار وتقلب الزمان.
وأخيرًا فهذا غيضٌ من فيض؛ فالتراث العربي حافل بصنوف الآداب ونوادر الأخبار، وإنما اخترنا من كتب الأدب أطرفها، وأوفاها بالشرط الذي وضعناه في المقدمة وهو أن يكون الكتاب حول موضوع واحد، فهذه سبعة كتب من عيون الأدب العربي وهي خير ما يقرأ المثقف العربي في القرن الحادي والعشرين، ولعلها تبعث قارئها على استكشاف ما في التراث من مباهج وفوائد، وتساعد على تغيير الفكرة الراسخة أنَّ كتب التراث مملة رتيبة.