اكتشف

أفضل الكتب حول الترجمة الأدبية

في هذه القائمة تجنبنا الكتب الأكاديمية شديدة التخصص، وقدمنا لك أهم الكتب التي تناولت قضية الترجمة الأدبية بتنوع شديد

إن الترجمة الأدبية من أخص جوانب الترجمة، وأكثرها إشكالية وعسرًا، ولا يتصدى لها إلا مَن جَمَعَ إلى امتلاك صنعة الترجمة ذوقًا أدبيًّا وحسًّا شاعريًّا وحصيلة لغوية مُسعفة. تضم المكتبة العربية كثيرًا من الكتب محورها الترجمة الأدبية وتتخذ أشكالًا عدة؛ فبعضها يعتني بالجانب النظري حول هذا الصنف في الترجمة، وبعضها مذكرات حول التجربة الشخصية في الترجمة الأدبية، وبعضها يسجل ملاحظاته النقدية على ترجمات أدبية أخرى، وهكذا.

حاولت في هذه القائمة تجنب الكتب الأكاديمية شديدة التخصص، وآثرت أن أقدم الكتب التي تتناول قضية الترجمة الأدبية، محاولًا قدر الإمكان الحفاظ على التنوع في المادة المقدمة ما وسعني الأمر، بين حصرٍ لأنماط ترجمة الأدب، ومذكراتٍ لمترجمي الأدب، ومناقشةٍ لقضية ترجمة الشعر، وتاريخٍ للترجمة الأدبية، والتحليل الثقافي لعملية الترجمة الأدبية.

وقد راعيت بهذا التنوع في الترجمة أن يعثر مختلف القراء في هذه القائمة على ما يناسب اهتمامهم من هذه الكتب، فهناك من تشغله مسألة ترجمة الشعر إلى لغة أخرى غير لغته، وهناك من سينشغل بتأثير ثقافة المترجم على إنجازه لترجمته، وهناك من سيحرص على خلاصة خبرات مترجمي الأدب الكبار شعرًا ورواية.

ترجمة محمد عناني (مؤسسة هنداوي، 2022)

«والترجمات، خصوصًا من لغات العالم الثالث، مُنحازة في جميع الأحوال تقريبًا، إلى اللغة الإنجليزيَّة، وهكذا نواجه بما يمكن أن نطلق عليه "المتلازمة المَرضيَّة لهوليداي إن"، أي قبول كل شيء أجنبي وغريب باعتباره معياريًّا إلى حد بعيد. وهذه على الأقل حالة النصوص التي يمكن أن نعتبر أنَّها تبني "الرأسمال الثقافي" لحضارة من الحضارات».

هذا الكتاب ينطلق من فكرة بسيطة إذا ما جردناها عن الجانب الأكاديمي التخصصي الذي كتب به هذا الكتاب وصغناها في أبسط صورها: العمل الأدبي المترجم هو نتاج عملية بناء ثقافي نتجت في مناخ ثقافي معين، ولحظة زمنية معينة، وانتماء عرقي معين، وهوية جنسية معينة، ومرحلة عمرية معينة، وطبقة اجتماعية معينة، وكل هذه العوامل تؤثر على إنتاج العمل الأدبي المترجم، لذا فقد نجد ترجمةً لنص أدبي يكرس قيمًا معينة على حساب قيم أخرى برغم كونه مجرد نقل لنص أدبي من لغة إلى لغة أخرى! ونجد ترجمة لنص أدبي آخر ينتمي لثقافة معينة تُطوَّع لخدمة الثقافة القومية لمترجِم النص! إذن فدراسة الترجمة هي في ذاتها دراسة للتفاعل الثقافي، وهذا هو ما يسعى الكتاب إلى تأكيده ودعمه بعشرات الأمثلة والشواهد. هذا التصور عن الترجمة هو اتجاه بحثي أسسه مؤلفا هذا الكتاب سوزان باسينت وأندريه ليفيفير في مجال دراسات الترجمة.

حركة الترجمة الأدبية من الإنجليزية إلى العربية في مصر 1882-1925 - لطيفة الزيات

تحرير وتقديم خيري دومة (المركز القومي للترجمة، 2017)

لكل حقبة مزاجها في الترجمة؛ فمهما تنوعت مشارب المترجمين وصناع النشر إلا أنه بتقادم الزمان يستطيع الباحثون التقاط التفضيلات المشتركة في كل عصر والتي تتجاوز هذا التنوع بين الأفراد، وإن معرفة مثل هذه التفضيلات لمن أكثر ما يساعدنا في فهم أمور كثيرة تتعلق بالموقف من الآخر، واستخراج الاتجاهات الأدبية المسيطرة في هذا العصر، بل ربما يتعدى الأمر ليكشف عن جوانب سياسية واقتصادية كبيرة.

وهذا الكتاب الذي بين أيدينا هو من هذا النوع من الدراسات التي ترصد حركة الترجمة الأدبية من اللغة الإنجليزية خلال فترة الاحتلال الإنجليزي لمصر، وتتبع الجوانب الاجتماعية التي أثرت على اختيارات المترجمين والناشرين، وعلى أسلوب الترجمة وأشكالها، وتعطينا فكرة عن السياق الثقافي الذي جرت فيه المعارك النقدية والأدبية بين المحافظين ورواد الحداثة، والتي كان لها أثرها البالغ على عملية النقل والترجمة.

أصل هذا الكتاب رسالة الدكتوراه التي حصلت بها الأديبة الكبيرة لطيفة الزيات على درجة الدكتوراه عام 1957 من قسم التحرير والترجمة والصحافة بكلية الآداب بجامعة القاهرة.

ذكريات في الترجمة :حياة بين خطوط الأدب العربي - دينيس جونسون ديفيز

تقديم نجيب محفوظ وترجمة عفاف عبد المعطي ومراجعة محمود محمد مكي (المركز القومي للترجمة، 2023)
هذه مذكرات مستعرب اسمه دينيس جونسون ديفيز، ويصعب أن يكون قد مر عليك اسمه. في الغالب ليست المشكلة في سعة اطلاعك بل بالأحرى لأن هذا الرجل قد ظُلِم في سياقنا العربي، وتأخرت ترجمة مذكراته عشرات السنين، وهو الرجل الذي نذر عمره في ترجمة الأدب العربي إلى اللغة الإنجليزية حتى بلغ مجموع ما ترجم إليها ما يناهز ثلاثين مجلدًا، ويصفه إدوارد سعيد بأنه «أهم مترجمي العربية إلى الإنجليزية في هذا الزمان».

ولد دينيس جونسون ديفيز في كندا وأمضى طفولته متنقلًا بين عدة دول عربية إلى أن استقر في القاهرة ودرس في جامعة فؤاد الأول في الأربعينيات من القرن الماضي، ثم تفرغ لترجمة الأدب العربي، ويؤكد الكثيرون أنه الجندي المجهول وراء نيل نجيب محفوظ جائزة نوبل.

لن تستفيد من قراءة هذه المذكرات مجرد الاطلاع على سيرة هذا الرجل وعلاقته بالأدباء العرب الذين أفرد لكبارهم فصلًا في مذكراته، وإنما ستطلع على خلاصة تجربة من الترجمة الأدبية جاوزت سبعين عامًا، قدَّم لهذه المذكرات نجيب محفوظ وهو الذي جمعته صداقة مع ديفيز تجاوزت خمسين عامًا منذ قرأ للمرة الأولى رواية “زقاق المدق” وصاح: وجدتها؛ وجدت الرواية العربية التي يمكن أن تترجم إلى الإنجليزية وتثير الاهتمام!

في محراب الترجمة؛ إضاءات وتجارب وتطبيقات ونقود - يوسف بكار

(الآن ناشرون وموزعون، 2016)

«المترجم البارع هو الذي يترجم ترجمة اتصالية ضمنية غير حرفية بحيث تغرس في القارئ أنه يقرأ عملًا مؤلفًا لا مترجمًا، أو كما يقول ليوراند فورستر عن الترجمة الجيدة إنها تفي الغرض نفسه في اللغة الجديدة مثلما فعل الغرض الأصيل في اللغة التي كتب فيها. وهو ما حاولت مخلصًا واجتهدت في أن أطبقه وأسير عليه في كل ما ترجمته، وما نجح فيه الشاعر الغنائي أحمد رامي في ترجمته عددًا من رباعيات الخيام لا سيما تلك التي اصطفتها أم كلثوم وغنتها».

الدكتور يوسف بكار هو من أهم المترجمين العرب عن اللغة الفارسية، وتحديدًا ترجمة الشعر الفارسي، وله اختصاص بترجمة عمر الخيام؛ فترجمته لأشعار الخيام هي من أدق الترجمات وأكثرها أمانة من بين 36 ترجمة عربية لأشعار الخيام، وفوق ذلك له عناية كبيرة بنقد الترجمات العربية من الفارسية وإليها، وهو ما يطلعنا عليه في هذا الكتاب الذي وإن كان موجهًا للمهتمين باللغة الفارسية والمترجمين عنها، فإنه لا يخلو من فائدة كبيرة للمثقف العام الذي سيطالع في صفحاته حسًّا نقديًّا عاليًا، وتحريًا للدقة في التعريب والترجمة، بحيث يصلح أن يكون ورشة تطبيقية في صنعة الترجمة. 

ما بين عشبة برزويه وحية جلجامش: تأملات في الترجمة الأدبية - موسى الحالول

(دائرة الثقافة والسياحة أبو ظبي، 2019)

«ومن مستحيلات الترجمة أيضًا جملٌ أسميها الجمل الحُبلى، وهو مصطلح ابتكرته في صيف سنة 2015 ... وما أقصده بالجملة الحُبلى هو الجملة التي تُخفي في طيَّاتها جملةً أو عبارةً أو قولًا لا يدركه القارئ أو المستمع المتسرع. فهو يحتاج إما إلى أذن واعية أو عين ثاقبة مثل جهاز السونار الذي يريك صورة الجنين وهو في بطن أمه».

موضوع هذا الكتاب شديد الطرافة؛ فهو لا يتناول قضية ترجمة الشعر تناولًا أكاديميًّا تقليديًّا، وإنما يجمع الأشباه والنظائر في أحوال ترجمات الشعر وأحوال مترجميه، فمثلًا يتعرض إلى ظاهرة أسماها الفاقد في ترجمة الشعر؛ أي الترجمة التي تُضيِّع الحمولة الثقافية في الأصل، ويتناول نماذج لهذه الظاهرة ويضع يدك على مواطن الإخلال بنقل الخصوصية الثقافية التي كان على المترجم أن يراعيها في ترجمته، ويتعرض لظاهرة أخرى نادرة وطريفة أسماها «الترجمة الرثائية» التي يعمد إليها الأديب الذي فقد شخصًا عزيزًا عليه فلم يطاوعه لسانه في رثائه، فيختار رائعة من روائع الأدب العالمي ليترجمها، ويحشد لترجمته أقصى ما يستطيع من البراعة والإجادة كي يتعزى بممارسة هذا العمل من جهة، ومن جهة أخرى يُخلِّد هذه الترجمة بعد ما عجز عن رثاء مفقوده بقصيدة.

وبين هذا وذاك ستمسك بلا شك روح الكاتب الذي يظهر حبه للترجمة في ثنايا كتابه، لذا فهو ينحت المصطلحات ويبتكر التسميات للجمل والعبارات والتي تستعصي على المترجم أو تستحيل ترجمتها. فإن كنت تحب أن ترى كواليس مهنة المترجم ونموذجًا لمترجم عاشق فلا عليك إلا أن تقرأ هذا الكتاب المبدع، وستظفر بدررٍ مضنون بها على غير أهلها.

معجم المصطلحات الأساسية في الترجمة الأدبية - محمود عبد الغني

(منشورات المتوسط، 2017)

«ويدل مصطلح جانسينية على عقيدةٍ مناهضة لكل تصرف في النص الأصلي، وذلك عملًا بتعاليم الأب الروحي للحركة سان أوغسطين الذي كان يتجنب خيانة الأصل بإرفاق النص المترجم بالهوامش والتعليقات والإشارات. وقد قال أحد أقطابهم مُعرفًا الترجمة الجيدة بكونها تلك التي إذا ما قمنا بترجمتها هي نفسها فإنها تعود بنا مباشرة إلى الأصل».

ربما بدا لك هذا الكتاب من اسمه عملًا مرجعيًّا ضخمًا يوضع على الأرفف في المكتبات العامة وترجع إليه كلما أردت العودة إلى مصطلح أو مفهوم له صلة بصناعة الترجمة الأدبية، لكن الحقيقة أن هذا الكتاب تسهل قراءته كاملًا واختيار الفوائد منه؛ فهو يضم المفاهيم التي تتصل بصنعة الترجمة الأدبية نفسها أو عملية تلقيها من القراء، مثل «أيديولوجيا المترجم»، و«الدال الطليق»، و«دائرة القراءة»، و«المعنى السياقي»، و«فضاء الخطاب» وغيرها من المصطلحات، التي وإن كانت مشتركة بين حقول معرفية مختلفة مثل البلاغة وتحليل الخطاب وعلم النفس واللسانيات الاجتماعية، إلا أن لها صلة مباشرة بالترجمة الأدبية.

من تقنيات التأليف والترجمة – صلاح نيازي

(دار المدىـ 2016)

«لأعترفْ من البداية أنني دخلت إلى الترجمة من الباب الخلفي. ولم يدُرْ بِخَلَدي أنني سأمارسها في يومٍ ما بأية صورة. أوَّلًا لأنني كنت أثق ثقة عمياء بما كنتُ أقرأ من ترجمات يوم كنتُ وحيد اللغة. لكنْ بعد سنين طويلة من العيش بهذه الجزر البريطانية، ومتابعة اللغة ومداخلها، شرعت بقراءة نصوصٍ باللغة الأمِّ وتعمدت أن تكون من النصوص المترجمة إلى العربية. كان همِّي تعلُّم اللغة لا ترجمتها. حتَّى هذا الحدِّ، ما كانت ترجماتهم موضع نقاش قطُّ. المصادفة وحدها هي التي رمتني في هذه المعمعة الغريبة».

منذ نشأة الترجمة إلى اللغة العربية كان المترجمون يراعون نقل الفحوى من النص ويدمجونه في بنية اللغة العربية التعبيرية، كان هذا هو المفهوم السائد في الترجمة، لكن اليوم تغير هذا المنظور إلى الترجمة كثيرًا، ونشأ جيل من المترجمين ودارسي الترجمة المعاصرين لا يرضون سوى بالنقل الأمين التام للنص الأصلي، مهما كلف هذا المترجم في أسلوبه العربي وفصاحة ترجمته! 

وفي هذا السياق يأتي كتاب الأستاذ المترجم صلاح نيازي، وهو مترجم عراقي كبير يتحرى الدقة في ترجماته والمطابقة مع الأصل قبل أي شيء، وهنا في هذا الكتاب يعمد إلى إبراز أحدث التقنيات في الترجمة لا سيما استراتيجية المنظورية، وتقنية الحواس والألوان، ومن خلال عرضه مثل هذه التقنيات يتعرض لنقد بعض مترجمي شكسبير مثل عبد القادر القط، وجبرا إبراهيم جبرا، وتحديدًا في ترجمتهم «هاملت» و«مكبث»، و«الملك لير» فيورد مآخذ تقنية على ترجماتهم هم وغيرهم، وأثناء ذلك يقدم نموذجًا عمليًّا لتصوره عن طبيعة الترجمة الأدبية ومتطلباتها.

وبعد، فإن أحظى الناس وأحقهم بتقدير قيمة هذه المؤلفات هو من اجتمع له حب الأدب من جهة وحب صنعة الترجمة من جهة أخرى، فمثل هذا حريٌّ أن يتم له الانتفاع بهذه الكتب، وإلا فإن القارئ العام ليجد في قراءة هذه الكتب تقديرًا لصنعة الترجمة الأدبية ومعرفة بكواليس هذا النمط الصعب الحافل بالإبداع.

Shares:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *