جرت العادة لدى الكثيرين على اعتبار الفلسفة علمًا متخصصًا يعزف عنه بعض القرَّاء، لأنّه يطرح تساؤلات وأفكارًا معقدة يصعب استيعابها من الجميع. هنا تبرز أهمية الأدب الفلسفي، فهو الوسيلة التي تساعدنا على التعبير عن الفلسفة وأفكارها بصورة أدبية يسهل تقديمها إلى جميع القرَّاء. في هذا المقال نقدم لك ترشيحات لمجموعة من 8 كتب، تجمع بين جمال السرد الأدبي وعمق الفكر الفلسفي.
كتب جبران خليل جبران كتاب النبي عام 1923 باللغة الإنجليزية، وقد ترجم إلى لغات عدّة تخطت 50 لغة. يتحدث جبران في هذا الكتاب عن فلسفته في كل شيء، الحياة والموت والحرية والحب والعلاقات والتربية والأخلاق والشرائع وغيرها.
يقدم جبران آراءه في الكتاب على لسان الحكيم “المصطفى” الذي عاش بعيدًا عن وطنه لمدة 12 عامًا، حيث عاش في جزيرة “أورفاليس” بانتظار أن يعود إلى بلاده. وعندما يأتي موعد الرحيل يخطب في سكان الجزيرة ويلخص لهم مذهبه وأفكاره.
2. هكذا تكلم زرادشت
يعد فريدريك نيتشه أحد أهم الفلاسفة في العصر الحديث، لذا يستحق كتابه “هكذا تكلم زرادشت” التواجد ضمن قائمة الكتب التي تجمع بين الأدب والفلسفة. لخّص نيتشه أفكاره وفلسفته في هذا الكتاب ووصفه بأنَّه “دهليز فلسفته”. نُشر الكتاب عام 1883، وصدرت منه نسخة عربية عن دار منشورات الجمل في عام 2007.
يُروى الكتاب على لسان “زرادشت”، ويتحدث عن أفكار متنوعة مثل الإنسان المتفوق والحكومات والشعوب، ومفاهيم مختلفة مثل العزلة والإجرام والزواج. أثرت أفكار نيتشه في الكتاب على مجالات إنسانية متعددة مثل السياسة والحرب والفن، إذ كان هناك بعض الجنود في الحرب العالمية الأولى يضعون الكتاب في حقائبهم.
لا تفوت قراءة: المثقفون الكبار يحكون عن قراءاتهم: مختارات من كتب سيرة القراءة (قريبًا)
3. المختصر
في زمن غابت فيه الأخلاقيات، يأتي كتاب “المختصر” للفيلسوف الروماني إبكتيتوس ليقدم لنا رحلة تأملية مليئة بالحكمة، تتناول أساسيات الحياة وتفاصيلها وكيفية التعامل معها، والتصالح معها بالطريقة الصحيحة. أُلّف الكتاب عام 125 ميلاديًا، وطبعته دار رؤية للنشر والتوزيع في 2015 باللغة العربية.
يناقش إبكتيتوس العديد من المفاهيم في هذا الكتاب، مثل الحياة والموت والسعادة، وكيف يمكن للإنسان تشكيل وجهة نظره تجاه الحياة، بما يحقق له السعادة والتوازن والسلام الداخلي، ما يجعله مصدرًا لا يُضاهى للحكمة والفلسفة المطبوعة بأسلوب أدبي، ويضمن لك أن تعيش بين صفحاته تجربة استثنائية تمتزج فيها الروحانية بالفهم العميق لجوهر الحياة.
كتب مونتاني هذا الكتاب في أثناء انعزاله في برج جده بعد وفاة العديد من أفراد عائلته وأصدقائه، وسجل فيه ملاحظاته الشخصية التي سماها “المحاولات” أو “التجارب” وتحولت بعد ذلك إلى “المقالات” عند صدور الكتاب في عام 1580، وشهدت معها ولادة فن المقالة.
5. محاورات السعادة والشقاء
هذا ليس كتابًا واحدًا بل تسعة كتب متنوعة، استخدم سينيكا في كتابته أسلوب الحوار الذاتي، حيث يعرض في محاوراته الفلسفية رؤية للحياة، ويطرح أفكارًا عميقة حول كيفية تحقيق توازن روحي واستقرار نفسي في وجه التحديات الحياتية.
صدر كتاب “محاورات السعادة والشقاء” عام 2019 عن دار آفاق للنشر والتوزيع، ويقدم فيه سينيكا فلسفة تشجع على الرؤية الحقيقية للسعادة، إذ يطرح أسئلةً في كتابه ثم ينطلق في محاولة الإجابة عليها، يسعى من خلالها نحو الفهم العميق للحياة، ويؤكد على أهمية تقدير اللحظات السعيدة في حياتنا، معتبرًا التأمل والصبر أسلحة فعّالة في مواجهة الضغوط والتحديات، والقدرة على العيش بسعادة.
6. فن العيش الحكيم
يعرّف بعضُهم أرتور شوبنهاور بفيلسوف التشاؤم، لكن إذا ركزت في فلسفته فستكتشف أن ما يُسيطر عليها هي الواقعية، فهو يرفض المثالية المغلفة بتجاهل الواقع، وبدلًا منها يؤمن بالأفكار الواقعية العقلانية، وهذا ما يطرحه في كتابه “فن العيش الحكيم” الذي صدر عام 1851، وترجمته للعربية دار منشورات ضفاف عام 2018.
يقدم شوبنهاور نهجًا للحياة في هذا الكتاب، يؤكد فيه أننا نحتاج إلى التركيز على ماهيتنا الشخصية والمزايا التي نتمتع بها، ولا ننتظر شيئًا من الآخرين ونظرتهم لنا، فهذا يجعلنا نمتلك سعادتنا قادرين على الاستغناء عن أي شيء لا نتحكم فيه. ويوضح أنه يجب علينا تجاهل الحظ وألَّا ننظر إليه باعتباره عاملًا يؤثر علينا، بل نحتاج إلى التفاعل والتعامل مع المواقف التي نتعرض لها في حياتنا بالصورة الملائمة لكل موقف، فهذا المفتاح للحياة السعيدة.
7. التأملات
يتحدث في الكتاب عن موضوعات متفرقة، ينتقل فيها بالفلسفة من حيّز التنظير إلى التطبيق، ويدعو كل فرد إلى أن يجد مكانه الشخصي في الكون، وأن يتحلى بالأخلاق والمبادئ الحميدة التي تجعله شخصًا صالحًا، ويحثه على التأمل والتفكر في كل شيء بالحياة.
لا تفوت قراءة: أفضل الترجمات الفلسفية في عام 2024 (قريبًا)
8. معنى الحياة
يتطرق الكتاب إلى المنابع التي يمكن للإنسان أن يستقي منها معنى لحياته، وهي: الحب – الأسرة – العمل – الصداقة – الثقافة – الطبيعة. من ناحية أخرى يتطرق كذلك إلى ما يعترض الوصول إلى معنى الحياة. ويؤكد على أنَّ خلق الإنسان معنًى لحياته يتطلب تقبله لنفسه كما هي، وضرورة تقبل الآخرين له ولأفكاره، وأن الإنسان لا يجب عليه تغيير نفسه من أجل أحد، حتى وإن عارضوا فكره أو رفضوه، فعليه التقبل بالمعنى الذي يؤمن به لحياته.
أخيرًا، جمعت هذه الأعمال بين الأدب والفلسفة في تجربة واحدة ثرية، لتمنحك فرصة للجمع بين الجمال اللغوي والفكر العميق، لتحيا بين أوراقها تجربة تستحق الاستكشاف، تتعرف فيها على الأفكار الفلسفية بصورة مغايرة للمألوف. تأمل في أفكارها، واستمتع بجمالها، وستجد نفسك مغرمًا بالعالم الجديد الذي تقدمه لك هذه الكتب الثمانية.