لقد استطاع الرحالة العرب إثراء المكتبة العربية بهذا النوع الفريد من الأدب، ووثّقوا فيه رحلاتهم جغرافيًّا وتاريخيًّا، واجتماعيًّا، وثقافيًّا. ودونوا عادات الشعوب التي قابلوها، وأرّخوا للأحداث السياسية. حكوا عن الملوك والأمراء وبلاطهم، عن المعارك والحروب، الجنود والقادة، الشعراء والعامة، وتركوا إرثًا هائلًا أصبح لاحقًا مرآة لهذه المجتمعات وتاريخها.
لذلك، تُعد محاولات إحياء أدب الرحلات بصورته القديمة في البداية أقرب لمهمة انتحارية منها لمحاولة تدوين أو عودة لصنف مهجور من الأدب، في ظل عزوف قراء الجيل الحالي عن الانخراط في أي نشاط لا يتسم بالسرعة، بصورة أدق: أي ارتباط يتطلب التزامًا طويلًا مثل قراءة تفاصيل رحلة ما لأحد الشجعان الذين قرروا المخاطرة بالكتابة والتدوين. لكن هؤلاء الشجعان حاولوا ونجحوا، جاء الكتاب تلو الآخر ليُلقي حجرًا في الماء الراكد. محاولات عديدة، حتى وإن كانت متشابهة، لكنها أعادت الحياة لهذا الصنف وضخت فيه دماء جديدة.